Admin جرجس مصمم المنتدى
الجنس : المشاركات : 1313 تاريخ الميلاد : 28/08/1987 الانتساب : 30/05/2009 العمر : 36 الموقع : قنا العمل/الترفيه : مدرس علوم
| موضوع: المدينه المنيره الأحد يوليو 05, 2009 2:49 pm | |
| هذه قصة رمزية صادفتني في مكتبة تيتة (مامتي) قررت أن أستعيره منها لقراءته وكان ذلك منذ أكثر من 11 سنة وطبعاً قرأته فور إستعارته ولكني قررت الإحتفاظ به لجمال الفكرة خصوصاً أن كتاب رحلة إلى المرتفعات لم تكن فكرته قد خرجت للنور بعد، وهذا لا يعني أنها أفضل ولكني أعني أنها تحمل نفس الفكرة وتعطي نفس المعنى ولكن في صورة مختلفة تماماً وبنمط مغاير في شكله وتفاصيله ... وأنا عن نفسي أحب كلا الكتابين وأحب إعادة قراءتهما. قام بطبع الكتاب القس دوماديوس إبراهيم السرياني على نفقته الخاصة وهو أحد رهبان دير السيدة العذراء الشهيره بالسرياني وكان ذلك عام 1950 - 1951 أي من أكثر من نصف قرن. أعتقد أيضاً أنه واضع الكتاب ولكنه لم يعلن ذلك صراحةً وقد يكون مترجماً له من لغة اخرى ... هذا في علم ربنا. وهذه هي المقدمة والكتاب كله كما هو بدون نقصان او زيادة وسأقوم بإنزاله على فصول، يوم السبت من كل أسبوع.
المدينة المنيرة قصة رمزية طبعت على نفقة القس دوماديوس إبراهيم السرياني أحد رهبان دير السيدة العذراء الشهيرة بالسرياني 1950 - 1951
مقدمة الكتاب
ألِفَ المؤلفون والكتّاب أن يبدأوا كتبهم بإهدائها إلى ذوي الفضل والحكمة والعلم والآداب، هذا ولما كان من أهم واجبات الإنسان في كل زمان ومكان القيام بعبادة خالق الكائنات ومبدع الموجودات تقرباً من الذات العلية واستمداد المعونة الإلهية حتى بذلك تسمو الأرواح وترتقي النفوس في مدارج الصلاح رأيت أن أتقدم بطبع كتاب (المدينة المنيرة). أما بعد فيقول العبد الفقير الراجي رحمة مولاه القس دوماديوس إبراهيم السستاوي مولداً القبطي عنصراً المصري جنساً المسيحي الرثوذكسي ديناً ومعتقداً إني أتقدم بالشكر والإمتنان من صميم فؤادي لحضرات السادة الأفاضل الذين مدوا يد المساعدة بإشراكهم في هذا الكتاب اسأله تعالى ان يمنحنا وإياهم الرشاد والاصابة والسداد وان يفتح عقول دارسيه غلى معرفة الحق وينمي اعضاء كنيسته ليكونوا عاملين على مايرضيه سائرين في طريق الملكوت القويم آمين.
الفصل الأول
الوليمة
خيم الظلام على بيونن (المدينة المظلمة) وأنيرت شوارعها المزدحمة بالناس بأنوار ضئيلة القت حولها اشباحاً قاتمة زادت الظلام روعاً. وكانت هيئة المارة الكئيبة تدل على غير ما دل عليه صوت الطرب الخارج من بعض البيوت – فإنه لاحت على بعض الوجوه علامات القنوط كأن نور الشمس لم يصل إلى نفوسهم قط. وعلى وجوه آخرين علامات بأس شديد لم تفارقها رغماً من إستهزاء الجماهير وتعييرهم – إذ كان بين المارة أيضاً قوم لم يشعروا بالظلام أو شعروا به ولم يكترثوا. بل ساروا في طريقهم متحدثين بفرح منهمكين في أشغالهم وملذاتهم. وفي أحد شوارع المدينة الرئيسية كنت تسمع صوت الموسيقى والمرح خارجاً من نوافذ أحد الأبنية الكبيرة. ومن بعض أبوابها المفتوحة كنت ترى جماعة جالسين حول مائدة مزدانة بالأواني الفضية والزجاجية المتألقة وعليها جميع أنواع الأطايب. وإلى صدر تلك المائدة جلس شاب بدت في وجهه ملامح لم تتفق قط مع المحيط البهيج حوله ولا مع كلمات الفرح الخارجة من فيه التي كان سامعوها يضحكون لها طرباً، مما دل على أن الشاب عزيز لديهم. وكان في حديثه شيء من الجرأة جعل المتقدمين في السن يهزون رؤوسهم كأنهم غير موافقين عليه تماماً والشبان يهتفون إستحساناً له. وهمس أحد الضيوف في اذن جاره قائلاً أن عمران غير قابل للإصلاح، ولاشك في أنه سيزداد غطرسة، لاسيما وهو على وشك الحصول على ثروة هائلة. اجاب صديقه: لا باس من ذلك فإنه طيب القلب كريم وإني واثق بأنه سيشرك أصدقائه في ثروته، وفوق هذا فهو ذو شخصية جذابة. الأول: إنني لا افهم حقيقة هذا الإنسان فإن ملامحه تكذب كلامه، فإذا اصغيت إلى حديثه ظننته اسعد مخلوق حي بينما عيناه تحدثان حديثاً آخر. الثاني (فتنهد هذا عميقاً) وقال : وهل يوجد في هذا المكان المظلم من هو سعيد حقاً ؟ لا لعمري، بل كل مانراه غرور ومرارة نفس. الأولك دع عنك التشاؤم وانظر فإن مضيفنا يطلب السكوت كي يلقي علينا خطبة، ولا أخال نفسي مخطئاً لو قلت أنه أخذ يستعد منذ بلوغه سن الرشد، اصغ فما الذي يقوله. أما كلمات الشاب الإفتتاحية فأغرقت في صوت الهتاف المستمر ورنة الكؤوس فإضطر إلى الإنتظار ريثما أصغوا إليه، ولما إنتهى من الخطابة ظهرت علامات الفشل على وجوه بعض السامعين كأنهم كانوا ينتظرون منه ما هو ابلغ من ذلك، وقد دلت ملامحه على أنه لم يكن مطمئناً اثناء الكلام، فإنه توقف مراراً عديده وكانت في عينيه نظرة بعيدة كمن يصغي إلى صوت يدعوه، واظهر صعوبه في حصر أفكاره ومع ذلك فإنه ختم كلامه بالمزاح. وعندئذ سمع صوت بوق عال فساد الجميع سكوت عميق لحظة من الزمن ثم قال أحدهم، هو ذا النذير مرة أخرى. وقال آخر متذمراً: ليته يدعنا وشأننا، ماله ولنا ؟ وقال ثالث: انه يستطيع ان يلقي كدراً على ابهج الولائم. أجاب الأول: انك محق في كلامك، في إحدى الليالي الماضية لم أستطع النوم أبداً لتفكري في نبواته عن مدينتنا بيونن، فهو يقضي على كل من يبقى فيها بالموت. قال عمران: لكننا لسنا مضطرين إلى تصديق كل مجنون يهذي فهلموا بنا لسماعه والترويح عن بالنا بالإستفهام منه عن حقيقة تعاليمه. أجاب أحد أصدقائه: يا للعجب يا عمران فلقد كدت أظنك نصف مؤمن بالرجل. ثم قاموا وخرجوا إلى ساحة السوق حيث كان النذير ينادي "أخرجوا من وسطهم واعتزلوا يقول الرب". إخترق عمران الصفوف ووقف في مقدم الجمهور متغلباً على شعوره كعادته، وكان أتباعه يحيطون به. وجعلوا جميعهم دفعة واحدة يسألون النذير مستفهمين منه بتهكم وضحك، وكان الأحداث من الحضور يشاركونهم ويشجعونهم على ذلك. أما النذير فكان يجيب على بعض أسئلتهم بطول أناه وسكينة ويتغاضى عن البعض الآخر ناظراً إليهم بعطف وعلامات الحزن العميق بادية على وجهه. ولما رأى أن آداب الجمهور فسدت بتأثير هؤلاء الشبان الفضوليين تحول عنهم بهدوء وهو يقول بصوت خاشع رنان: "أخرجوا من وسطهم واعتزلوا يقول الرب". رنت هذه الكلمات في أذني الفتى فنسي أصدقاءه ووليمته وأفراحها وصار لا يفكر إلا فيها وفي هيئة وجه النذير الداله على اللطف والشدة معاً، وجعل يقول في نفسه، هوذا الصوت مرة أخرى، كنت ظننت أنه أخذ مرة أخرى، لكنني لن أصغي إليه. على أن الكلمات لم تبرح من ذهنه وكان قد سمعها بالأمس من النذير الذي كان يحدق فيه بعيني ساحرتين. وقد ظن عمران أن تلك الوليمة التي اقامها تذكاراً لبلوغه سن الرشد تنسيه إياها. لكنه سمعها ثانية وهو يلقي خطبته التي أعدها بإهتمام شديد، فتلعثم لسانه ونسي ما كان عازماً على قوله، وكان الصوت ملحاً. وفيما هو يفكر في هذه الأمور فاجأه منظر جميل، وذلك أن فتاة بلباس ابيض، كانت واقفة في باب حديقة أحد البيوت التي على الشارع، ركضت نحوه بيدين مبسوطتين ووجه باسم وقالت: هل نجحت وليمتك يا عمران ؟ وهل كان اليوم يوم سرور لكم ؟ نسي عمران الصوت لحظة عند رؤيته عيني الفتاه الجميلتين ولمسه يديها وجعل يخبرها بحماس عن الكلام المشجع الذي قاله له أصدقاؤه وعن مقدار سرورهم بالوليمة. ولكن لما سألته عن خطبته صمت بضع ثوان مرتبكاً بعض الإرتباك ثم قال: كلا، إنني لم أنجح مقدار ما أملت، بل ترددت كثيراً في الإلقاء فلم يكن تأثير لأقوالي. ولماذا ذاك يا عمران ؟ فإنك عند تلاوة خطبتك عليّ لم تتردد قط، فما الذي جرى لك ؟ سأطلعك على السبب يوماً آخر، ربما غداً. عبست غابرييلا لجوابه في باديء الأمر، لكنها نسيت كدرها حالاً وتابعا السير نحو البيت يداً بيد. سارا وقد أشرقت عينا الفتاه كالنجوم في الظلام وكانت إبتسامتها لعمران الذي أحبها بكل قلبه ابهج من شعاع الشمس، وفرح جداً بوجودها معه، فنسي الهواجس التي كانت تزعجه حتى في وسط أفراحه. وجعلا يتحادثان عن أمور اليوم وعن المشروع الذي كان مزمعاً أن يدخل شريكاً فيه في الغد، والذي إذا نجح يمكنهما من تعيين اليوم الذي فيه تتكلل محبتهما بالقران السعيد. وأخيراً إفترقا وهو يردد قائلاً: إلى اللقاء يا غابرييلا، إلى اللقاء غداً. --------------------- | |
|
Hexlar ابن جديد
الجنس : المشاركات : 1 تاريخ الميلاد : 17/11/1990 الانتساب : 26/06/2011 العمر : 33 العمل/الترفيه : !!!
| موضوع: رد: المدينه المنيره الأحد يونيو 26, 2011 3:17 pm | |
| | |
|