معنى الصليب------------------
الصليب له معنى عند أولاد الله غير المعنى الذى يفهمه
العالم..بالنسبة للعالم الصليب عقوبة قاسية مهينة ونهايتها الموت ولا يوجد
فيها أى نور أو مجد أو فخر...الصليب عند الناس ضعف وجهالة وعثرة..ولكن عند
أولاد الله قوة وحكمة وفخر...
"اما عندنا نحن المخلصين فهو قوة الله" "1كو18:1"
لأنه وسيلة حريتنا من العدو ووسيلة إعلان محبة الله لنا...
+عند أهل العالم الصليب عثرة لأنه يبدو فى مظهر الضعف...كيف نؤمن بإله مهان بهذه الطريقة..؟؟ المنظر من الخارج ضعف.."لنرى هل يأتى إيليا ليخلصه؟"مت47:27"..
هم يريدون إلها له سطوة وقوة...إلهآ طاغيآ يخضع له كل شئ..أما المسيح
المصلوب فقد قال عنه أشعياء النبى"ونحن حسبناه مصابآ مضروبآ من الله
ومذلولآ..ظلم أما هو فتذلل ولم يفتح فاه..كنعجة صامتة أمام جازيها".."أش
4:53 -7" أى أن الصليب عثرة لمن يبحثون عن المظاهر ويتمسكون بها...أما من
يفهمونه بعمق فهو قوة الله للخلاص..
هذه الألام والمسامير لم تهزم المسيح أبدآ،فالصليب أظهر قوة الله المتفوقة على كل التحديات لأنه هزم الموت وقام ناقضآ أوجاعه..الصليب أظهر لنا لاهوت المسيح وقوته فى إقتحامه للموت فلم يغلب أحد الموت غير المسيح...
الصليب أظهر قوة الله لأنه تحدى هائل،والمسيح قبل هذا التحدى وغلبه..
"ثقوا أنا قد غلبت العالم" "يو16".
+"الصليب عند الهالكلين جهالة... " "1كو1" فهم يفكرون:هل لا يوجد إسلوب
غير الدم والعرى وألنكسار والمهانة حتى يخلصنا الله بهذا الأسلوب الصعب؟!
ولعل هذا ما دفع بطرس الرسول أن يقول يومآ:حاشاك يارب أن تصلب "مت16"
ولكن فى الحقيقة أن الصليب هو قمة الحكمة التى أقامت الأنسان من الموت وكشفت تدابير الله المملوء عدلآ وحبآ فى نفس الوقت..!
+الصليب عند المؤمنين فخر..
لأنه فتح لنا الطريق للسماء..وأيضآ لأنه كشف عن قيمتنا فى نظر
الله..وعندما لايشعر الأنسان بقيمته لايترك نفسه للخطية أبدآ بل يسلّم
ذاته لله الذى إشتراه بدمه وسكب للموت نفسه حتى يعطينا حياة
أبدية..فالصليب أظهر حب الله لنا فى أعظم صورة..
"هو مات لأجل الجميع كى يعيش الأحياء فيما بعد لا لأنفسهم بل للذى مات لأجلهم وقام" "2كو15:5"
بركات الصليب----------------
+الصليب هو الطريق الوحيد المؤدى إلى القيامة والحياة..إذ أنه هو
الوسيلة الوحيدة التى تضبط مسيرة الأنسان فى الطريق الضيق..وبالتالى تثبّت
أقدامه فى طريق الحياة الأبدية.
+لهذا فإن الصليب هو نعمة من الله لحياة الأنسان..أو على حد قول معلمنا بطرس الرسول:
"فإن تألمتم من أجل الخير فهذه نعمة من عند الله" "1بط20:2" لأن بالصليب نتذوق الألم ونتذكر ونحس كم تألم الله من أجلنا فنتلامس مع محبته..
+أيضآ عندما يتألم الأنسان يتمجد الله فى حياته بقوة..فكل واحد يجتاز
درجات فى طريق الصليب يرى قوة الله تظهر فى حياته..طوال الفترة التى نحمل
فيها الصليب لا تفارقنا قوة الله..أما إذا هربنا من الصليب إلى الراحة والترف فإننا نضعف وتتخلى عنا النعمة الإلهية فنسقط بكل سهولة..
مثال: داود المهان المظلوم المطارد من شاول كان قويآ جبارآ منتصرآ
ثابتآ فى الله وعندما تراخى فى الجهاد وأعطى ظهره للصليب وترك الجيش يحارب
وأستلقى على سريره ثم صعد ليتمشى على السطح وتجوّل بعينين حائرتين
جائعتين...سقط وكان سقوطه عظيمآ..!
+الصليب أيضآ ينقى ويرفع..فهو يصفى من النفس الكثير من الشوائب ويقطع
روابط الكثير من الخطايا..ولذلك من يعلّق على الصليب يمكنه أن يرتفع على
قمة هذا العالم..
أمثلة---------
القديس أغسطينوس يقول:
وضعت قدمى على قمة هذا العالم عندما صرت لا أخاف شيئآ ولا أشتهى شيئآ"..وكانت هذه إحساساته الصادقة بعد أن
"صلب الجسد مع الأهواء والشهوات" "راجع غل 24:5".
يوسف الصديق:
حمل الصليب منذ صباه وإنطبق عليه القول "جُرح فى بيت أحبائه" "زك6:13"
وتشاور إخوته على قتله ورموه فى البئر ثم باعوه كعبد بثمن بخس..وظُلم
ظُلمآ عنيفآ من إمرأة فوطيفار وأُلقى فى السجن...ولكن كان هو الطريق إلى
الأرتفاع والمجد حتى صار متسلطآ على كل أرض مصر..وقال عنه إخوته أنه"سد
الأرض" "تك30:42"..
فهذا المجد هو ثمرة الصليب والتمسّك بالإيمان وعشرة الله رغم كل الظروف المؤلمة..
القديس مكاريوس الكبير..
تعرض فى بداية حياته لصليب رهيب..إتهموه بالأعتداء على فتاة وأهانوه
وضربوه لدرجة الموت..إحتمل الصليب بصبر وشكر فعزاه الله..وعندما ظهرت
الحقيقة وأرادوا أن يكرموه هرب من الكرامة رافضآ التنازل عن الصليب..وهنا
ظهر له الشاروبيم وفتح له وادى النطرون وتحوّلت المنطقة لسماء ثانية
بالرهبنة والتسبيح على مدى العصور..وظهر أن
من يرفض تعزيات العالم تنسكب عليه تعزيات السماء..ومن يعلّق على الصليب يرتفع إلى المجد
الأنبا أبرآم أسقف الفيوم
طردوه من دير المحرق بدعوى أنه يبدّد أموال الدير إذ كان يعمل أعمال رحمة
كثيرة..فألتجأ إلى دير البراموس فرحب به رئيسه فى ذلك الوقت القمص يوحنا
الناسخ وتلامس مع روحانياته..عندما أختير القمص يوحنا الناسخ ليكون بابا
الإسكندرية بأسم البابا كيرلس الخامس..رسم الأنبا أبرآم أسقفآ على الفيوم
عام 1881م...وهكذا وضع النور على المنارة ليضئ لمصر كلها وللأجيال..فكان
الصليب هو الوسيلة التى يتمجد بها الله فى حياة قديسيه..
قصة تعمير دير أنبا صموئيل..
وهى قصة غريبة جدآ تحوى مزيجآ من المرارة والبهجة..! فدير أنبا صموئيل
بجبل القلمون بالصحراء الغربية هو دير بعيد تمامآ عن العمران، يقع جنوب
الفيوم بحوالى سبعين كيلو متر..وقد كانت المنطقة عامرة بالرهبان منذ القرن
الرابع..ومع غزوات البربر المتتالية تخرّبت المنطقة عدة مرات حتى غاب عنها
الربان تمامآ منذ القرن الخامس عشر...فما هى قصة تعمير هذه المنطقة مرة
أخرى؟؟ تعالوا نقرأ هذه السطور...
فى عام 1897م رُسم أسقف جديد لدير البراموس بإسم الأنبا إيسيذوروس..وبعد
رسامته بخمسة أيام أقام قداسآ بالدير رسم فيه مجموعة من الرهبان والقسوس
والقمامصة وكان الجميع فى فرح غامر...لكن المفاجأة القاسية أن بعد أيام
قليلة صدر قرار من القاهرة بتجريد الأسقف من رتبته وعزله من رئاسة الدير
وأعتبار الرسامات التى قام بها باطلة...هكذا دون أى تحقيق...ولما إعترض
بعض رهبان الدير صدرت أوامر بطردهم..فإتجه الأسقف إلى القاهرة فى هدوء
وإستأجر شقة وأقام فيها وظل يخدم الكنيسة بالبحث والدراسة وإصدار
الكتب...أما الرهبان المطرودين فكان عددهم غثنى عشر فأرشدهم الله للذهبا
لحبيبهم الأنبا إبرام أسقف الفيوم ليدبر أمورهم...وهو بدوره شجعهم على
الذهاب لمنطقة دير الأنبا صموئيل"الذى يقع فى نطاق إيبراشيته وكان مجرد
خراب" لكى يعمروه ويقيموا به...وهكذا ذهبوا وبناء كنيسة العذراء بالدير
وكنيسة بإسم الأنبا ميصائيل السائح...وقد آزرهم الأنبا أبرآم بالصلاة
والتشجيع والمعونات المادية حتى تغلبوا على المصاعب الكبيرة والمتنوعة
التى واجهوها...وها هو الأن جير الأنبا صموئيل قد أصبح الأن من الأديرة
الكبيرة العامرة فى مصر ولولا الضيقة المرة والصليب الصعب الذى تعرض له
هؤلاء الرهبان ما كانت قد نبعت لنا كل هذه البركات..!
- شاب معاصر.."
وقد روى هذه القصة المتنيح القمص بيشوى كامل فى إحدى عظاته المسجلة"..
كان هذا الشاب من عائلة بسيطة وكان يعمل فى أجازة العام الدراسى فى فصل
الصيف ليساعد أسرته ماديآ..كان صاحب العمل يعامله بقسوة ويثقل عليه بما هو
فوق طاقته وكان الشاب يحتمل بصبر لأنه يحتاج إلى المال...وفى أحد الأيام
كان الشاب ينقل كمية ضخمة من الورق الكارتون بالدراجة ويسير فى شارع
بورسعيد بمنطقة كليوباترا وكان يومآ حارآ جدآ والشاب فى منتهى الإرهاق
وعلى أحد المطالع إختل توازن الشاب وإنهارت أعصابه فسقط بالدراجة على
الأرض..وسقطت حوله كميات الكارتون التى كان ينقلها...وهنا كانت المفاجئة المذهلة...أنه عندما رفع عينيه وهو ساقط على الأرض...رأى السيد المسيح واقعآ تحت الصليب بجواره...وينظر له بعينين حانيتين مشجعتين..وكأنه يقول له تشدد أنا معك أحس بمعاناتك وأشاركك آلامك وأرفعها معك...وعندما
نهض الشاب وقلبه يفطر بالفرح وقد إسترد قوته غير مهتم بجروحه أو تمزق
ثيابه..فجمع بضاعته المبعثرة وثبتها على الدراجة مرة أخرى وواصل عمله بكل
نشاط..!!
*أين يمكن أن أراه؟
-------------------------
شهوة قلب الأنسان دائمآ أن يرى الله ويشبع تمامآ برؤيته..فما هو المكان المناسب الذى يمكن أن نرى الله فيه؟!
لعل القصة السابقة تعطينا فكرة عن إجابة هذا السؤال..فإننا
نرى الله عندما نسقط تحت الصليب سنفاجأ أننا نلتقى بالمسيح تحت الصليب
معنا..فهو شريك آلامنا الوحيد ويحمله معنا ويسندنا ويعزينا...
المفاجئة السارة...بالرغم من أننا
نئن تحت ثقل الصليب إلا أن رؤية المسيح معنا بتعث فى النفس فرحة لا تُقدّر
بثمن...وكأن الأنسان يبحث عن السيد وقد أعياه البحث وعندما دبر له الله
الصليب المناسب وضغط عليه فوجئ بأنه يرى السيد بجانبه
فكأن لسانه يقول:--------------------
"هو إنت هنا وأنا أبحث عنك فى كل مكان!.."
والسيد يرد:-----------------
"نعم أنا هنا وفى هذا المكان بالذات..شريك
المتألمين أشفى جراحهم وأتحمل أوجاعهم وأداوى أحزانهم وأطيب خاطرهم...أنا
هنا دائمآ وغن أردت أن ترانى فهذا أوضح مكان يمكن أن ترانى فيه
منقول للامانة