وكاله السفر الى الماضى
تعلن عن رحلتها الى عيد الفصح اليهودى لعام 33 ميلاديه
برنامج الرحله : حضور محاكمه السيد المسيح امام بيلاطس ومشاهدة جلده
الأماكن محدوده ، والحجز مقدمآ
فركت عيناى بيدى عدة مرات ، للتأكد مما قرأته عيناي ، وقرأت الإعلان اكثر من مره ، لم اصدق ما قرأته ، ولكن لم لا ، ألسنا فى القرن الواحد والعشرين ؟
لم يبقى امامى الا ان اتصل برقم الهاتف المذكور
- الو
- الو
- وكاله السفر الى الماضى؟
- نعم
- هناك اعلان عن رحله ، هل هذا صحيح؟
- نعم هل ترغب فى الحجز ؟
- نعم
- عليك بالحضور فورآ ، لم يبقى الا ثلاثه اماكن
- هل يمكن الحجز بالتليفون ؟
- لا ، لابد من حضوركم شخصيآ
- حسنآ ، انا قادم
ارتديت ملابسى بأسرع من السرعه وتوجهت الى الوكاله واسرعت الى موظف الإستقبال ، الذى قادنى الى مسؤؤل الحجز الذى بادرنى قائلآ :
- لم يبقى الا مقعد واحد
- هو لى
- حسنآ ، عليك بملئ هذا النموذج ، ودفع قيمة الإشتراك
- كيف سنكون فى هذا المكان ، الن يعرفون اننا غرباء
- طبعآ لا ، ستلبسون ملابس اليهود وتندسون وسط الجموع
- الا يمكن ان اكون من الجنود الرومان ، اعتقد ان الرؤيه ستكون احسن لقرب الجنود من السيد المسيح
- لا يمكن ، الجنود معرضون للإستدعاء فى الحالات الطارئه ، وقد لا نستطيع ان نجدك لتعود معنا فتقضى بقيه حياتك جندى رومانى
- فهمت
- لا تنسى ميعاد التجمع ولا تتأخر فنحن دقيقون جدآ فى كل امورنا ، هاك ايصال الحجز ، لا بد ان تحضره معك
وفى الميعاد المحدد ذهبت الى مقر الوكاله ، فأخذونا فى حافله خاصه الى قاعدة الإنطلاق التى بدت كأنها محطه فضائيه ، وفعلآ كانت هناك سفينه فضائيه جاهزه للإنطلاق
ادخلونا فى حجره لتغيير الملابس ، وارتدينا ملابس كملابس اليهود فى ذلك الوقت ، ثم اخذوا ساعاتنا واعطونا ساعه الكترونيه رقميه وقالوا لنا :
هذه الساعه تشير الى الوقت والتاريخ حسب التوقيت اليهودى لأورشليم ، ستصلون الى الموقع فى الثامنه صباحآ التى هي الساعه الثالثه عندهم ، موعد التجمع للعوده ، الساعه السادسه لديهم ، امامكم 3ساعات فقط للمشاهده
لا تدعوا احدآ يراكم وانتم تنظروا فى الساعه ، فلم يكن هناك ساعات يدويه فى ذلك الوقت ، اظن مفهوم
نظرت الى الساعه التى اعطوها لى ، فوجدتها تشير الى الساعه الواحده يوم الجمعه 5مايو سنة 33 م
انطلقت المركبه الساعه الواحده والنصف حسب تلك الساعه العجيبه ، بعد تركيب الحزام وباقى الإحتياطات الهامه ، وصعدت الى عنان السماء بهدوء وسلاسه ، استغرقت الرحله ساعه ، ثم هبطت بسلام هبوطآ لطيفآ
خرجنا الى خارج المركبه ، اشاروا لنا على مبنى حجري ضخم وقالوا لنا هذه هي دار الولايه ، حيث حسب ما فى الإنجيل انهم اوثقوا يسوع واسلموه الى بيلاطس ، ثم قالوا لنا هنا نلتقى بعد 3 ساعات
كنا ستة اشخاص لا نعرف بعضنا بعضآ ، مشينا الى دار الولايه ، كانت الساعه قبل الثالثه بقليل ، دخلنا الى دار الولايه ، وجدنا هرجا ومرجآ والناس يصيحون : باراباس ،،، باراباس
يريدون من بيلاطس ان يطلقه لهم من اسره
نظرت الى يسوع موثقآ فى شرفه دار الولايه وعلى رأسه اكليل الشوك ، وبجانبه بيلاطس ، فوجئت به ينظر الي ، الي انا ، وتلاقت عينانا ، عيناه تشع نورآ من نوع غريب ، ليس مثله على ايامنا ، ولكن فيهما شئ من الحزن ، وشئ من الفرح ايضآ ، فهمت فى هذه اللحظه معنى ان العدل والرحمه تلاقيا فى شخصه المبارك
لم استطع ان اتحمل نظراته كثيرآ ، فحولت عيني الى بيلاطس
لم يعجبنى ضعف بيلاطس امام الجموع وهو ناظر اليهم وهم يصيحون : باراباس
تذكرت ما جاء فى الإنجيل ، حين قال لهم : فماذا تريدون ان افعل بالذى تدعونه ملك اليهود ؟ انهم صرخوا : اصلبه
فقلت فى نفسى ، يجب ان اقول معهم ، حتى لا يظنوا انى غريب عنهم ، فيعرضوننى للمسائله
نزعنى من افكارى صوت بيلاطس سائلآ سؤاله التاريخى : فماذا تريدون ان افعل بالذى تدعونه ملك اليهود؟
صرخت بأعلى صوت عندى : اصلبه ، اصلبه
نظرت حولى ، وجدت الجموع تنظر الي ، ثم تحولوا عنى وصاحوا : اصلبه اصلبه
ظهر لى جليآ اننى تسرعت ، وتكلمت قبل الجموع
نظرت الى يسوع ، فتلاقت عينانا ثانيه ، وكانه يعاتبنى قائلا ، لماذا طلبت ان اصلب ؟
انا اعرف يا سيدى انك كنت تعلم ما سيحدث ، وانك حذرتنى ، ولكنى سقطت
نظرت الى رؤساء الكهنه فوجدتهم سعداء يبتسمون
نظرت الى نيقوديموس ، فوجدته حزينآ
اما انا فقد انحدرت الدموع من عيني كنهر ، وبكيت كما لم ابك فى حياتى
نظرت نحو يسوع ثانية ، فوجدتهم يربطونه بسيور من جلد ، حيث يجب ان يجلد
لم استطع ان اتحمل منظر جلد سيدى وحبيبى الذى تسببت له فى كل هذه الآلام
خرجت الى خارج دار الولايه وبكائى يزيد ودموعى تنهمر ، هائمآ على وجهى ، لا ادرى الى اين اسير ، بعد فترة من الوقت وجدت نفسى فى مكان التجمع للعوده ، فجلست على صخرة ، لا ادرى ماذا افعل ؟
بعد وقت آخر لا ادرى كم هو ، لحق بى زملاء السفر ، قال لى احدهم :
- اين انت يا زميل ، لقد شاهدنا جلد السيد المسيح ، ولم تكن معنا
- لم استطع ان اتحمل قسوة هذا المشهد
- فعلآ ، كان مشهدآ مؤلمآ ، هؤلاء الجنود الرومان قساة القلوب ولا يعرفون معنى الرحمه ، قال آخر :
- لقد صحت ، اصلبه ، فصحنا وراؤك ، وبعدها صاح الجمع : اصلبه
عاودنى البكاء والنحيب وقلت :
- انا كنت السبب فى صلب السيد المسيح
- لماذا تقل ذلك ؟ الم يأت المسيح ليصلب ؟ اليس هذا ما ذكر فى الإنجيل ؟
- نعم ولكنى اخطأت ، وخطيتى امامى فى كل حين
- يا اخى ، نحن كلنا صلبنا المسيح ، نحن نصلبه كل يوم بخطايانا وآثامنا
زاد بكائى ونحيبى
جائت المركبه فركبنا ، وانطلقت ، ثم لاحت لنا الأرض ، لم يكن الهبوط سهلآ ، كان سيئآ جدآ ، يبدو ان قائد المركبه قد فقد السيطره عليها حتى اصطدمت المركبه بالأرض ، افلت حزام المقعد وسقطت على ارض المركبه ، وغبت عن الوعي
عندما افقت ، وجدت نفسى ممددآ على ارض غرفة نومى ، ساقطآ من فوق سريرى ، نظرت حولى ثم نظرت الى حائط غرفتى ، فرأيت الصورة التى عليها السيد المسيح مصلوبآ ، فانتصبت واقفآ ، وتوجهت اليه ، مقبلآ قدميه صارخآ : سامحنى يا سيدى
نظرت الى عينيه ، وجدت عليهما علامات الفرح ، وكأنه يقول لى : تب عن خطاياك وتعال الي ، وتذكر قولى : من يقبل الي لا اخرجه خارجآ
__________________